المفاهيم القانونية التي توجه عمل الآلية
في سياق عمل الألية، تشير الجرائم الأشد خطورةً الجرائم إلى الجرائم الدولية الأساسية التي تهم المجتمع الدولي ككل، بما في ذلك الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وعند تحديد الجرائم الأشدّ خطورةً، تأخذ الآلية أيضا بعين الاعتبار آراء وأولويّات الضّحايا/الناجين من الأحداث في سوريا.
يشمل القانون الدولي العام تاريخيًا مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الدول ذات السيادة فيما يتعلق ببعضها البعض. وتتعلق جوانب القانون الدولي بأفعال الأفراد ومسؤوليات كل منهم.
وهناك فروع متعددة مترابطة في القانون الدّوليّ العام. وتهتمّ الآلية اهتماماً بالغاً بالقانون الجنائي الدّولي نظرا لولايتها.
القانون الجنائي الدولي هو مجموعة من القواعد الدولية التي تهدف إلى حظر فئات معينة من السلوك (مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والعدوان) وجعل الأشخاص الذين/اللواتي يشاركون في مثل هذا السلوك مسؤولين جنائيًا. وهذه القواعد إما أن تأذن للدول، أو تفرض عليها الالتزام، بمقاضاة ومعاقبة هذا السلوك الإجرامي. وينظم وهذا القانون أيضا الإجراءات أمام المحاكم الجنائية الدولية، لمقاضاة ومحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب هذه الجرائم.
ويحدد القانون الجنائي الدّولي مختلف السبل التي يمكن بها اعتبار الأفراد مسؤولين/ات جنائيًا، ليس فقط إذا ارتكبوا الجرائم المعنية فعليًا. وعلى سبيل المثال، يمكن مساءلة شخص ما عما يلي (قائمة غير شاملة):
- «المشاركة في الارتكاب» بمعنى ارتكاب جريمة بصورة مشتركة بناء على السيطرة المشتركة؛
- «المساعدة والتحريض» أي المساعدة أو التشجيع، مع العلم بارتكاب الجريمة؛
- «الأمر» أي أمر من شخص يكون في موقع سلطة بارتكاب جريمة؛
- «التخطيط» – أي الإعداد أو الترتيب لجريمة
- «الشروع» يعني اتخاذ إجراء لبدء الجريمة دون وقوعها لأسباب أخرى مستقلة عن نية الشخص؛
- «التحريض» فيما يخص الإبادة الجماعية، يعني تحريض الآخرين مباشرة أو علانيةً على ارتكاب الإبادة الجماعية؛
- «الإغفال» أي عدم الامتثال لواجب قانوني للتصرف
إضافةً إلى ذلك، يمكن مساءلة الأفراد تحت مسؤولية القادة أو المسؤولية العليا، عن الفشل في منع أو معاقبة المرؤوسين/ات الذين يرأسونهم أو لديهم سلطة في التسلسلات الهرمية الهيكلية المنظمة. وينطبق هذا على القادة العسكريين أو أولئك الذين يتصرفون على هذا النحو أو غيرهم/ن من المسؤولين غير العسكريين الذين لديهم سلطة على مرؤوسيهم/ن.
القانون الإنساني الدولي، الذي يشار إليه أيضا باسم قانون الحرب أو قانون النزاعات المسلحة، وهو مجموعة القواعد التي تسعى، لأسباب إنسانية، إلى الحد من آثار الحرب. والقانون الدولي الإنساني هو جزء من القانون الجنائي الدولي، وانتهاك قواعده يشكل جرائم حرب.
وينطبق القانون الإنساني الدولي تحديدًا على النزاعات المسلحة؛ فهو يحمي الأشخاص الذين/اللواتي لا يشاركون في القتال، مثل المدنيين أو العاملين في المجالين الطبي والديني، وكذلك أولئك الذين توقّفوا عن القتال أو غير القادرين عليه، مثل أسرى الحرب أو الجرحى والمرضى. كما أنه يقيد وسائل وأساليب الحرب، ويحظر استخدام أنواع معينة من الأسلحة، والهجمات التي لا تميز بين أولئك/اللواتي الذين يشاركون في القتال ومن لا يشاركون فيه.
القانون الدولي لحقوق الإنسان هو مجموعة من القواعد التي تحمي بعض الحقوق التي يتمتّع بها الأفراد والجماعات. وتستمد حقوق الإنسان من المعاهدات أو الأعراف وتلزم الدول (وفي ظل ظروف معينة جهات فاعلة من غير الدول)، مما يتطلب منها وضع تدابير وتشريعات محلية تتفق مع التزاماتها الدولية؛ وعلى عكس معايير القانون الإنساني الدولي، تنطبق حقوق الإنسان في جميع الأوقات، بما في ذلك في أوقات السلم (على الرغم من أن مضمون بعض حقوق الإنسان، مثل الحق في الحياة، يعدل في أوقات النزاع المسلح حيث يكون للقانون الإنساني الدولي الأسبقية).
وعندما تفشل الإجراءات القانونية على الصعيد المحلي في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، تتوفر آليات وإجراءات للشكاوى على الصعيدين الإقليمي والدولي لدعم تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان واحترامها؛ ويتأثر القانون الجنائي الدولي أيضا بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو بعبارات مختلفة، بالضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة، وكذلك بحقوق المشتبه فيهم/ن والمتهمين/ات والضحايا والشهود.
بموجب القانون الدولي، لا تخضع الجرائم الدولية لأي قانون للتقادم. وهذا يعني أنه يمكن بدء الإجراءات القضائية ضد مرتكبي هذه الجرائم بغض النظر عن الوقت الذي مر.
تعرف الإبادة الجماعية بأنها فعل يرتكب بنية إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كليًا أو جزئيًا. ويمكن فعل ذلك من خلال أي من الأعمال التالية: القتل؛ إلحاق أذى بدني أو معنوي جسيم؛ وفرض أحوال معيشية يقصد بها التسبب عمدًا في إهلاك مادي؛ فرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب؛ ونقل أطفال المجموعة قسرًا إلى مجموعة أخرى.
وإلى جانب أعمال الإبادة الجماعية نفسها التي يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي، فإن السلوك المحظور الآخر يشمل التآمر والتحريض والشروع والتواطؤ لارتكاب الإبادة الجماعية، سواء من جانب الحكام أو الموظفين العموميين أو الأفراد العاديين. ولا تتطلب الإبادة الجماعية وجود صلة مع الصراع المسلح، وبالتالي يعاقب عليها في زمن الحرب وفي وقت السلم على حد سواء.
الجرائم ضد الإنسانية هي جرائم محددة ترتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي سكان مدنيين. ويمكن أن ترتكب كجزء من سياسات الدولة، ولكن يمكن أيضا أن ترتكبها جماعات مسلحة غير تابعة للدولة أو قوات شبه عسكرية/ميليشيا. وعلى عكس جرائم الحرب، فإن الجرائم ضد الإنسانية لا تتطلب وجود صلة مع الصراع المسلح، وبالتالي يعاقب عليها سواء ارتكبت أثناء الصراع أو في وقت السلم.
وعلى عكس الإبادة الجماعية لا ترتكب الجرائم ضد الإنسانية بالضرورة ضد مجموعة معينة.
جرائم الحرب هي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني تستتبع مسؤولية جنائية فردية بموجب القانون الدولي العام. ويشمل ذلك الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية.
وعلى النقيض من الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، يجب أن ترتكب جرائم الحرب في سياق نزاع مسلح، سواء كان ذا طابع دولي أو غير دولي.
الجرائم القائمة على النوع الاجتماعي هي الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، ذكورًا كانوا أم إناثًا، بسبب جنسهم و/أو أدوارهم الجنسانية المبنية اجتماعيًا. وتشمل الجرائم القائمة على نوع الجنس جرائم العنف الجنسي، وكذلك الاعتداءات غير الجنسية على النساء والفتيات، والرجال والفتيان، بسبب جنسهم. الأشخاص من مختلف الميول الجنسية أو الهويات الجنسية يعانون ويمكن أن يكونوا هدفًا للجرائم بسبب الأعراف التمييزية بين الجنسين.
الولاية القضائية العالمية هي المبدأ الذي يسمح للدول بممارسة ولايتها القضائية على الجرائم الدولية حتى عندما لا ترتكب في أراضي الدولة ولا يكون الضحايا أو المشتبه في ارتكابهم لها من رعايا تلك الدولة. وهي تستند إلى فكرة أن بعض الجرائم خطيرة لدرجة أنها تشكل تهديدا للمجتمع الدولي ككل، وبالتالي فإن الدول ملزمة بالتحقيق مع الجناة المشتبه فيهم/ن ومقاضاتهم/ن حتى وإن لم تكن هناك صلة مباشرة بين الجريمة والدولة المدعية. ونظرا إلى أن الولاية القضائية العالمية يمكن أن تتيح للضحايا إمكانية الوصول إلى العدالة، فإنها أداة هامة لضمان الملاحقة القضائية للجرائم الدولية الخطيرة.