مقاربة تركز على الضحايا/الناجين

اعتمدت الآلية منذ البداية مقاربةً تركز على الضحايا/الناجين، وهي تدخل في جميع عملياتها وتعمل كأساس لجميع الاستراتيجيات المواضيعية للآلية المتعلقة بالعدالة الشاملة؛ وتهدف الاستراتيجية إلى تفعيل التزام الآلية بدمج التركيز على تجارب ووجهات نظر وأولويات المجموعة الواسعة من الضحايا/الناجين من الوضع السوري، كجزء أساسي من عملها اليومي.

إن استراتيجية المقاربة هي أداة مهمة لضمان أن جميع أعمال الآلية والاستراتيجيات الموضوعية ترتكز على السياق المحدد للوضع السوري، مع استخلاص إرشادات مفيدة من السوابق الناشئة عن عمليات العدالة والمساءلة الأخرى.

وتعد استراتيجية المقاربة التي تركز على الضحايا/الناجين أداة هامة لضمان أن ترتكز جميع أعمال الآلية واستراتيجياتها المواضيعية على السياق المحدد للوضع السوري، مع استخلاص توجيهات مفيدة من السوابق الناشئة عن عمليات العدالة والمساءلة الأخرى. ولذلك فإن إحدى المنهجيات الرئيسية لوضع الاستراتيجية هي الحوار المستمر مع الضحايا/الناجين من الجرائم المرتكبة في سوريا، ولا سيما من خلال رابطات الضحايا/الناجين ذات الصلة، التي أعطتها الآلية الأولوية منذ مرحلة مبكرة من عملها. ولا يزال هذا الحوار يسترشد به في فهم الآلية للطيف الواسع من القضايا الناشئة المتعلقة بالوضع السوري. إن الاستراتيجيات المواضيعية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والأطفال/الشباب والأهداف الأوسع نطاقًا للعدالة هي جميعها تعبير عن المقاربة التي تركز على الضحايا/الناجين، والتي تطبقها الآلية.

أسس العدالة الشاملة

إن الهدف العام لعمل الآلية هو إرساء أسس مرنة لتحقيق العدالة الشاملة لسوريا. وقد أظهرت تجربة عمليات المساءلة السابقة أن ضمان العدالة الشاملة للجميع يشكل تحديًا خاصًا يتطلب استراتيجيات استباقية. وتعترف اختصاصات الآلية بذلك من خلال مطالبة الآلية على وجه التحديد بالاهتمام بالجرائم المرتكبة ضد الأطفال والعنف الجنساني، بما في ذلك العنف الجنسي. هذه هي فئات الجرائم التي لم تخدمها أطر القانون الجنائي الدولي وممارساته على مر التاريخ.

وعلى وجه الخصوص فإن تجارب الأطفال/الشباب والضحايا الذين هم/ن في وضع غير مؤاتٍ، بسبب المعايير والهياكل الجنسانية التمييزية، تميل إلى أن تكون أقل وضوحًا – وغير مرئية في كثير من الأحيان – في أعمال المساءلة.

كما أن أصواتهم/ن ووجهات نظرهم/ن أقل إسماعًا. وهناك أيضا فئات أخرى من الضحايا/الناجين، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين عادةً ما يجري تجاهل تجاربهم/ن والذين كثيرا ما تكون نتائج العدالة غير مرضية لهم/ن. ومع وضع ذلك في الاعتبار التزمت الآلية باعتماد استراتيجيات مواضيعية كوسيلة لتعزيز العدالة الشاملة للجميع. والهدف الشامل لهذه الاستراتيجيات هو ضمان أن يجري الاسترشاد بتجارب ووجهات نظر وأولويات مجموعة واسعة من الضحايا/الناجين من النزاع السوري في أعمال المساءلة التي تضطلع بها الآلية. وتهدف الاستراتيجيات أيضا إلى ضمان أن تدعم الآلية، مع تركيزها على ولايتها في مجال العدالة الجنائية، أهدافًا أوسع نطاقا للعدالة والمساءلة حيثما أمكن ذلك.

استراتيجية النوع الاجتماعي

على مدى العقود القليلة الماضية، كان هناك وعي متزايد بأن الهياكل والمعايير التمييزية القائمة على النوع الاجتماعي غالبًا ما تؤدي إلى العنف أثناء الصراع – عادة بالاقتران مع أشكال أخرى من التمييز البنيوي على أساس عوامل مثل العمر والعرق والدين والوضع الاجتماعي والاقتصادي. ويمكن أن يكون لعوامل النوع الاجتماعي التمييزية أيضا تأثير كبير على كيفية تعرض الضحايا/الناجين للأضرار المتصلة بالنزاع. وفي الوقت نفسه، لم تكن هذه العوامل، تاريخيًا، معترفاً بها إلى حد كبير من خلال الأطر القانونية المنطبقة والكثير من ممارسات القانون الجنائي الدولي حتى الآن. إن عوامل النوع الاجتماعي البنيوية هي ذات أهمية في فهم الجرائم المرتكبة في سوريا واستجابات الجهات الفاعلة في مجال العدالة لتلك الجرائم.

فهي، على سبيل المثال، قد تُظهر التمييز القائم على النوع الاجتماعي الذي يدعم تهم الاضطهاد أو التعذيب، والتمييز السلبي على أساس الجنس الذي يثبت انتهاكات القانون الإنساني الدولي، أو تثري سبل الانتصاف المناسبة للجرائم. ويجري وضع وتنفيذ الاستراتيجية المتعلقة بالنوع الاجتماعي للآلية لمعالجة هذا الواقع وضمان أن الأعمال التحضيرية لتحقيق العدالة في سوريا تعالج بفعالية العوامل البنيوية الجنسانية، وهذا يشمل إيلاء اهتمام خاص للنساء والفتيات والأشخاص ذوي الميول الجنسية المتنوعة أو الهويات الجنسية الذين يتعرضون للجرائم، أو الذين/اللواتي يتعرضون للظلم بسبب تطبيق التسلسل الهرمي التمييزي القائم على النوع الاجتماعي. ثمة مجموعات أخرى تعاني من الأذى في سياقات محددة نتيجة لأشكال التمييز بين الجنسين، وتتطلب بدورها الاهتمام، بما في ذلك الضحايا الذكور / الناجين من العنف الجنسي.

وتختلف هياكل النوع الاجتماعي وطبيعة ومدى التمييز الذي تتعرض له كل فئة من فئات الضحايا/الناجين هذه، ويتطلب كل منها مقاربةً دقيقة ومصممة خصيصًا. وفيما تمضي الآلية في عملها، تظل في حالة تأهب للفئات الأخرى من الضحايا/الناجين الذين يعانون من الضعف بسبب الهياكل والقواعد التمييزية القائمة على النوع الاجتماعي، وسوف تعدل الاستراتيجية حسب الاقتضاء.

استراتيجية للجرائم المرتكبة ضد الأطفال والشباب

تاريخيًا، كانت عمليات المساءلة عن الجرائم الدولية الأساسية تتمحور إلى حد كبير حول البالغين/ات. وقد كان من الصعب أن يجري بشكل كاف إظهار المجموعة الكاملة من تجارب الأطفال والشباب المتأثرين/ات بالصراع وأن تُدرج وجهات نظرهم/ن بما فيه الكفاية في عمليات العدالة. وهنا أيضا، نرى عوامل بنيوية – هذه المرة تتعلق بالأطفال والشباب – تعمل، إلى جانب أشكال أخرى من التمييز البنيوي. وتهدف استراتيجية الآلية بشأن المساءلة عن الجرائم المرتكبة ضد الأطفال والشباب والتي تؤثر عليهم/ن إلى معالجة هذه العوامل.

وهي تسلم بأن العوامل المرتبطة بالعمر يمكن أن تدفع إلى العنف الذي يحدث أثناء الصراع وأن تحدد طبيعته. وتؤثر العوامل المرتبطة بالعمر أيضًا تأثيرا كبيرا على تجارب الضحايا/الناجين من الأضرار المرتبطة بالنزاع واستجابة الجهات الفاعلة في مجال المساءلة لها. وتهدف الاستراتيجية إلى الاستفادة من الزخم المتزايد داخل المجتمع الدولي لتوسيع نطاق النظر في تجارب الصراع للأطفال والشباب بما يتجاوز الفئات الضيقة من الجنود الأطفال وجرائم العنف الجنسي. وهي تسلم بأن هناك حاجة إلى استجابة دقيقة ومصممة خصيصا لمعالجة الطيف الكامل من التجارب الناشئة عبر مختلف الفئات العمرية.

استراتيجية دعم أهداف العدالة الأوسع نطاقًا (الأشخاص المفقودين)

في حين تركز ولاية الآلية على المساءلة الجنائية، فإنها تعترف بأن العديد من أهداف العدالة الأوسع نطاقا مهمة أيضا للضحايا/الناجين من الوضع السوري. وتلتزم الآلية، بوصفها مظهرًا ملموسًا لمقاربتها التي تركز على الضحايا/الناجين، بتحديد التقاطعات بين عملها في مجال المساءلة الجنائية وأهداف العدالة الأوسع نطاقًا لضمان أن يكون عملها ذا فائدة قصوى لمختلف أولويات العدالة للضحايا/الناجين.

وفي الوقت الراهن، فإن أكثر أهداف العدالة الأخرى إلحاحا هي حصر العدد الهائل من الأشخاص المفقودين/ات حاليا نتيجة للوضع السوري. وبناء على ذلك، وفي إطار استراتيجية الآلية بشأن دعم أهداف العدالة الأوسع نطاقا، فإنها تعطي الأولوية لتحديد التقاطعات بين أعمال المساءلة التي تضطلع بها والبحث عن المفقودين وتتخذ خطوات استباقية للاستفادة من هذه التقاطعات ضمن حدود ولايتها.

وتتضمن هذه الخطوات:

  • تحديد المعلومات والأدلة وتبادلها بشكل استباقي في المستودع المركزي للآلية مما قد يساعد في البحث عن المفقودين/ات.
  • وضع بروتوكولات لاستجواب الشهود تدمج الاهتمام بقضايا الأشخاص المفقودين/ات إلى جانب القضايا ذات الصلة بالمساءلة الجنائية.

ومن الأمثلة الأخرى على دعم الآلية لأهداف العدالة الأوسع نطاقا ما قررته رئيسة الآلية من أن الآلية يمكنها أن تدعم، وسوف تدعم، عمليات العدالة غير الجنائية حيثما تكون مرتبطة بما فيه الكفاية بالفصل في الجرائم الدولية الأساسية في سوريا وتوفر فرصة مجدية لتحقيق العدالة للضحايا/الناجين.

وفي المستقبل، ستسعى الآلية إلى تحديد التقاطعات الأخرى بين أعمال المساءلة التي تضطلع بها وأهداف العدالة الأوسع نطاقا، وستستخدم عملها لتيسير تلك الأهداف الأخرى ضمن نطاق قدراتها.

إن الاستراتيجية الأساسية للآلية بشأن مقاربة تركز على الضحايا/الناجين والاستراتيجيات ذات الصلة هي الأكثر تطورًا من بين الاستراتيجيات المواضيعية للآلية حتى الآن. بيد أن الآلية حددت أيضًا الحاجة إلى نُهج استباقية إزاء فئات أخرى من تجارب الضحايا/الناجين من أجل ضمان العدالة الشاملة للجميع؛ ومن الأمثلة على ذلك الجهود التي تبذلها الآلية لتوسيع نطاق مشاوراتها لكي تفهم على وجه التحديد تجارب ومنظور الضحايا/الناجين من الصراع السوري من ذوي الإعاقة

ستسعى الآلية إلى زيادة تركيزها على هذه القضية وغيرها من القضايا ذات الصلة في المستقبل.