بيان رئيس الآليّة الدوليّة المحايدة والمستقلّة، روبير بيتي، حول سوريا

يصادف هذا العام ذكرى اندلاع النزاع السوري خلال شهر رمضان المبارك، وهو مناسبة تُذكّرنا بإنسانيتنا المشتركة وقيم الرحمة والكرامة. منذ أربعة عشر عاماً، قوبلت الاحتجاجات السلمية بالعنف العسكري، مما أدى إلى اندلاع صراع مدمر ألحق معاناة لا تُحصى بالملايين.

يتضّح الآن، أكثر من أي وقتٍ مضى، أن ضمان السلام المستدام أمرٌ معقد ويتطلّب جهودًا منسقةً ومتواصلة. ومع ذلك، يجب أن تشمل هذه الجهود تعزيز سيادة القانون وضمان كرامة كل مواطن ومواطنة وبناء إطار عمل يُحقّق العدالة الشامل.

لقد عانى الشعب السوري أربعة عشر عامًا من التحدّيات والمصاعب الجسيمة. وطوال سنوات النزاع، شهدنا معاناة إنسانية لا تُوصف، إلى جانب مبادرات مقاومة ومناصرة استثنائية للعدالة و المساءلة من قِبَل عدد كبير من الضحايا والناجين/يات.

إن الوثائق التي باتت متاحة الآن في مختلف المرافق في جميع أنحاء سوريا ستساعد على ترسيخ فهمٍ أوضح للأنظمة التي دعمت التجارب الوحشية واللاإنسانية التي واجهها العديد من السوريين، وآمل أن تساهم هذه الوثائق في العمليات القضائية التي تضمن محاسبة مرتكبي هذه الجرائم. إن ملايين السوريين الذين تغيرت حياتهم بشكل جذري بسبب هذا الصراع يستحقون رؤية المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجرائم يُحاكمون أمام محاكم عادلة وذات اختصاص.

في حين تُواصل الآليّة الدوليّة جهودها للوفاء بولايتها، نُدرك أن وراء كل إحصائية قصصًا وأرواحًا إنسانية. ويرتكز التزامنا بدعم جهود التوثيق وحفظ الأدلّة على مبدأ أن الحقيقة أساس المصالحة والتعافي. ونعمل جنبًا إلى جنب مع هيئات الأمم المتحدّة الأخرى، ملتزمين التزامًا مشتركًا بالحقيقة والعدالة كركائز أساسية للمؤسّسات السورية. إلا أن الاستقرار المستدام في سوريا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تلبية احتياجات وتطلعات شعبها.

تؤكّد الآليّة الدوليّة التزامها بدعم الشعب السوري من خلال دورها المنوط بها، مع التمسّك بمبادئ العدالة الشاملة والمتكاملة. ويحدونا الأمل في أنه من خلال التعاون المنسّق ودعم المجتمع الدولي، سيتمكّن السوريون من بناء مستقبلٍ قائم على أسس العدالة والمساءلة.

جنيف، 14 آذار /مارس 2025