جنيف، 8كانون الأوّل/ديسمبر 2024 – إن الأحداث التي شهدناها اليوم تاريخية. وظهر أخيرًا بصيص أمل في أن يحظى السوريون وبلادهم بمستقبلٍ يقوم على العدالة وسيادة القانون. هذه هي المبادئ الأساسية التي تأسست عليها الآلية الدولية المحايدة والمستقلة من قبل الجمعية العامة في عام 2016.
لقد شاهدنا جميعاً الصور المؤثّرة لمئات المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم أخيراً من نظام السجون السوري سيئ السمعة، وهو النظام الذي وثّقته الآليّة الدوليّة في تقريرٍ شاملٍ صدر يوم الجمعة الماضي. وعلاوةً على ذلك، لدينا بالفعل مؤشراتٍ على أن الأدلّة المحتملة لجهاز الحكومة القمعي أصبحت متاحة ساعةً تلو الأخرى، مع انسحاب عملاء النظام الهاربين في استعجال.
وكان الأفراد السوريون ومنظّمات المجتمع المدني في طليعة جهود المساءلة، بصفتهم مستجيبين أوّليين على الأرض، وكجامعين وموثّقين، وكشهود وكمدافعين. ولقد رأينا في أماكن مثل رواندا ويوغوسلافيا السابقة مدى أهمية الحفاظ على المعلومات والأدلّة عالية القيمة في الوقت المناسب، والقيام بذلك بمعايير العلم الجنائي وضمان تسلسل العهدة لاستخدامها في المحكمة. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا مساعدة المحاكم والهيئات القضائية السورية والمحلّية والدوليّة في المستقبل على الفصل في الأحداث والمساهمة في فهمٍ جماعي للماضي وروايةٍ لا تقبل الجدل للحقيقة.
في حين أن عدد كبير من منظّمات المجتمع المدني السوري لديها خبرة في الحفاظ على المعلومات والأدلّة، فقد تبرز الآن فرص للآخرين الجدد في هذا المجال من العمل. ولهذه الغاية، أصدرت الآليّة الدوليّة إرشاداتٍ للمساعدة في هذه الجهود، والتي يمكن الوصول إليها هنا.
وينبغي أن تكون المساءلة عن المعاناة التي لا تعد ولا تحصى على مدى السنوات الثلاث عشرة الماضية محورية في المناقشات والجهود المستقبلية للسوريين والمجتمع الدولي على حدٍّ سواء، بما في ذلك التمويل، للبدء في معالجة الإفلات من العقاب على نطاقٍ واسعٍ عن تقريبًا كل الفظائع التي يمكن تخيّلها: من قصف المستشفيات، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والتعذيب المنهجي في السجون التي تسيطر عليها الحكومة، والعنف الجنسي والعنف الجنساني، وحتى الإبادة الجماعية.
ولتحقيق المصالحة والسلام المستدام، نحتاج إلى ضمان المساءلة الموثوقة والشاملة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان من خلال إجراءاتٍ عادلةٍ ومستقلّة. إذ قد عانى السوريون الظلم لعقودٍ طويلةٍ من الزمان. وهم على يقين أن الإفلات من العقاب يولّد المزيد من الإفلات من العقاب. ومن خلال ضمان أن تكون المساءلة جزءًا لا يتجزأ من العملية، فإن المجتمع الدولي لديه فرصة تاريخية لكسر هذه الحقلة المفرغة.
وفقًا لولايتنا المعهودة إلينا من قبل الجمعية العامة، ستواصل الآليّة الدوليّة جمع وحفظ المعلومات والأدلّة المتعلّقة بالانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي ودعم الهيئات القضائية الحالية والمستقبلية في توفير قدرٍ من العدالة للسوريين.
-انتهى-